أجرت جريدة الوطن ومحطة تليفزيون dmc حوار مع الدكتورة داليا زيادة، مدير مركز دراسات الديمقراطية الحرة، حول مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية في ظل حكم الرئيس الأمريكي المنتخب جوزيف بايدن، وتناول الحوار عدة ملفات أهمها علاقة الإدارة الأمريكية مع القيادة السياسية في مصر وعلاقة بايدن كنائب رئيس في ظل حكم أوباما مع الإسلاميين، وأيضاً المتوقع بشأن مواقف أمريكا في ملف حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر. وفيما يلي فيديو المقابلة ونص الحوار:
جريدة الوطن | داليا زيادة: بايدن سيحكم بما يخدم مصالح بلاده وعودة الإخوان وهم (حوار)
قالت داليا زيادة، مدير مركز دراسات الديمقراطية الحرة، إنّ تنظيم الإخوان يري في فوز المرشح الديقراطي بايدن عوده له مرة اخرى في مشهد الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنّ التنظيم واهم في ذلك، وأنّ إدارة بايدن ستفكر ألف مرة قبل أن تخاطر بزعزعة العلاقات الاقتصادية مع السعودية والإمارات لإرضاء قطر أو الإخوان.
وأضافت زيادة، خلال حوارها مع "الوطن"، أنّ مصر حققت تقدم غير مسبوق في ملفات حقوقية شائكة، وحصلت على المساحة والوقت اللازمين للتعافي من الفشل الاقتصادي والسياسي الناجم عن الربيع العربي، والممارسات الانتقامية التي تلت سقوط الإخوان من الحكم، وتمكنت من تأسيس دولة ثابتة ومستقرة، في وقت قياسي خلال تلك الفترة، وإلى نص الحوار.
كيف تابعتِ مشهد الانتخابات الأمريكية وإعلان فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن؟
ربما هذه هي أغرب انتخابات رئاسية حدثت في تاريخ الولايات المتحدة، لكن عاجلا أو أجلا فإنّ حالة الفوضى والغضب المحيطة بهذه الانتخابات ستخفت وتنتهي، فالشعب الأمريكي في غالبه يحترم جدا الدستور وسيادة القانون، ويقدس الممارسة الانتخابية، والنظام الديمقراطي في أمريكا قوي وراسخ بما يضمن لجوء الناخبين لصندوق الانتخابات بعد فترة قصيرة، 4 سنوات فقط من أجل تغيير واقعهم، إن كان لا يعجبهم، بالتصويت على رئيس جديد.
هل فوز بايدن كان مفاجأة لبعض الدول والسياسين؟
ليس سرا أنّ معظم دول الشرق الأوسط، باستثناء إيران، كانت تأمل بقوة في أن يفوز الرئيس الأمريكي الحالي ترامب بفترة رئاسية ثانية، إذ إنّ ترامب لم يكن رجل سياسة، بل رجل أعمال يعتمد على العلاقات الشخصية والمواءمات البراجماتية البحتة لتحقيق مصالحه، وهو النهج الذي أنجح السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، في ظل إدارته، بشكل مبهر، كما ساعد أيضا دول المنطقة على تحقيق وضع أفضل لشعوبهم، في السنوات الأربع الماضية، وهذا لا ينطبق فقط على الدول العربية، ولكن أيضًا الدول غير العربية بالمنطقة مثل تركيا وإسرائيل.
وماذا عن مصر؟
مصر حصلت على المساحة والوقت اللازمين للتعافي من الفشل الاقتصادي والسياسي الناجم عن الربيع العربي والممارسات الانتقامية التي تلت سقوط الإخوان من الحكم، وتمكنت من تأسيس دولة ثابتة ومستقرة، في وقت قياسي، خلال تلك الفترة.
تنظيم الإخوان يسعي لبث شائعة حول حدوث نزاعات قريبة بين أمريكا ومصر خلال فترة تولي ترامب؟
فوز بايدن، ومن وراءه الحزب الديمقراطي، برئاسة أمريكا ليس أمر سيء بالنسبة لنا في مصر أو في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، بل على العكس، لو نظرنا للأمر من الزاوية الإيجابية، فإنّ بايدن رجل سياسة، بما يعني أنّه سيعيد النظام المؤسسي داخل أمريكا إلى سابق قوته وتماسكه، وبالتالي سيساعد ذلك تدريجيا في فرض حالة من النظام على المشهد السياسي، ليس فقط في داخل أمريكا، ولكن أيضا على مستوى العالم ككل.
ماذا تقصدين بعودة المشهد السياسي بالعالم؟
أقصد العودة للعمل السياسي المؤسسي في أمريكا والذي سيقضي تدريجيا على حالة الاستقطاب السياسي الشديد، والتي وقعت فيها غالبية دول العالم خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب صعود التيار اليميني المتطرف في أمريكا وأوروبا، وما قابله من تطرف تيار اليسار، وخلق فجوة استغلتها تيارات الإسلام السياسي، الإخوانية والسلفية، والدول الداعمة لهم مثل إيران وتركيا وقطر، في هذه الدول بدهاء شديد، لتمنح نفسها شرعية سياسية لا تستحقها، وأحياناً مظلومية مزعومة تحت شعارات الإسلاموفوبيا ومحاربة المسلمين وغيرها. لهذا فإنه تدريجيا ومع عودة الأمور لميزانها الصحيح، بعودة النظام المؤسسي في أمريكا لسابق قوته، يفقد الإسلاميين هذه الشرعية الزائفة، ويزدادون ضعفا.
الإخوان تري في بايدن منقذ الجماعة.. هل يمكن تحقيق ذلك؟
التنظيم يري أنّ بايدن قادم لنصرتهم، لكن تلك أوهام، صحيح، لا ننكر أنّ الإخوان في أمريكا التقطوا أنفاسهم، وعاد إليهم الإحساس بالأمان بعد 4 سنوات من الضغط والتضييق والتهديد الذي فرضته عليهم إدارة ترامب، لكن الحقيقة أنّ مصالح بايدن أكبر بكثير مع الدول المهمة في الشرق الأوسط، مثل مصر والسعودية والإمارات، وهي الدول التي تحارب جماعة الإخوان وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وكذلك الدول التي ترعاهم وتمولهم مثل تركيا وقطر، وبالتالي لن يعادي بايدن هذه الدول ومصالح بلاده معها من أجل عيون الإسلاميين، خاصة جماعة الإخوان، التي لا يزال أغلب الشعب الأمريكي يرون فيها تهديد ومصدر خطورة ضد دولتهم وأمنهم القومي. وفي النهاية بايدن سيحكم بما يخدم مصالح بلاده وفقط، ومصلحته ومصالح بلاده ما زالت تتحكم فيها وبشكل قوي الإمارات والسعودية وحليفتهم مصر.
التنظيم الإخواني يواصل نشر الشائعات حول ملف حقوق الإنسان.. كيف تتابعين ذلك؟
مصر الآن بلد مختلف تماما، ولم يعد الملف الحقوقي نقطة ضعف بالنسبة للدولة المصرية، بل على العكس تماما، منذ تولي الرئيس السيسي أحرزت الدولة تقدما غير مسبوق في ملفات حقوقية شائكة، مثل الحريات الدينية وحقوق المرأة وتمكين الشباب، ومحاربة الفساد المالي والإداري، فضلا عن نجاحات غير مسبوقة على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من تطوير العشوائيات وتحسين مستوى معيشة الطبقات الدنيا، وحفظ كرامة المواطنين ضد الفقر، وما زالت مسيرة الإصلاح مستمرة.
هل ستهدد سياسة بايدن الخارجية المتوقعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الوضع القائم للاستقرار النسبي والحذر في المنطقة؟
أعتقد أنّ هذا أمر مستبعد وغير محتمل، إذ يختلف الشرق الأوسط الذي نعيش فيه اليوم كثيرًا عن الشرق الأوسط الذي عرفته إدارة أوباما في 2009، أو الشرق الأوسط الذي عرفته إدارة ترامب في 2016، فالشرق الأوسط اليوم هو أكثر استقرار وتوحد وبراجماتية، وهذا تحديدا هو نقطة قوتنا الرئيسية التي يجب علينا التمسك بها والبناء عليها.
ومن مظاهر ذلك، أنّه لم يعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بأصدائه العاطفية المعقدة، هو القضية المركزية في المنطقة، وأصبحت إسرائيل اليوم في وضع أكثر أمانًا ضمن محيطها الإقليمي، بسبب اتفاقيات السلام التي وقعتها مع الإمارات والبحرين، وتحسن علاقاتها الأمنية والاستراتيجية مع أقرب جيرانها مصر والأردن، وهذا أمر لا يريد بايدن المغامرة بتهديده أو تغييره، لأنه يرتبط ارتباط مباشر بمصالح أمريكا.
أيضا، فإنّ القوى العسكرية للاعبين الإقليميين الرئيسيين، مصر وإسرائيل والإمارات، نمت لمستويات أقوى وأكثر ذكاءً وتقدماً من أي وقت مضى، كذلك على المستوى الإقليمي الأكبر، لعب الاستثمار الاقتصادي الحكيم من قبل السعودية والإمارات، في موازنة القوى السياسية في المنطقة، وإعادة بناءها بعد زلزال الربيع العربي، دورًا هائلاً في ضمان الاستقرار ومواجهة الأثر الضار لتدخلات مثلث الشر، تركيا وإيران وقطر.
وبالطبع، حالة الاستقرار النسبي هذه بالمنطقة تخدم أيضا المصالح الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، على الأقل هي تضمن استمرار تدفق البترول والغاز إلى أمريكا دون تعطل، وبالتالي فإنّ إدارة بايدن ستفكر ألف مرة قبل أن تخاطر بزعزعة العلاقات الاقتصادية مع السعودية والإمارات لإرضاء قطر أو جماعة الإخوان، فهذا مستحيل.
هل العالم العربي اليوم هو يمتلك مفاتيح التغيير في الشرق الأوسط؟
بايدن لن يستطيع أن يؤثر كثيرا في مستقبل مصر أو الشرق الأوسط، نحن نملك مفاتيح المستقبل وليس هو، والخيار الوحيد أمام بايدن، في حال أصبح الرئيس القادم للولايات المتحدة، هو أن يسير على خطى ترامب في منطقة الشرق الأوسط، ويستكمل ما قام به خصمه اللدود، هذا إذا كان يريد حقًا خدمة مصالح الشعب الأمريكي وتحسين مستقبله، بدلاً من إرضاء المصالح الضيقة للحزب الديمقراطي والنزعات العاطفية غير الناضجة لليسار المتطرف، وأعتقد أنّه سيفعل ذلك لأنه رجل مخضرم سياسيا، وسبق وخدم كنائب رئيس في إدارة الرئيس السابق أوباما التي كانت شاهدا وأيضا لاعبا مؤثرا في الكثير من التغيرات والأحداث السياسية الكبرى التي وقعت في منطقة الشرق الأوسط آنذاك.
Comments