منذ أن تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر، قبل عقد من الزمان، وهي تعتمد على لعب دور الضحية وافتعال المظلوميات الوهمية، من أجل تجنيد العناصر الجديدة وحشد المؤيدين لها، في داخل البلاد وخارجها، وتستخدم هذه المظلوميات، أيضاً، في تبرير استخدام العنف ضد الدولة والمدنيين، ممن يرفضون تضليلهم وزيف حجتهم، فيما يسمونه “الجهاد” الذي ينصّ شعار الجماعة على أنّه وسيلتهم.
ومؤخراً، وجدت جماعة الإخوان المسلمين في ثورة الشعب المصري ضد نظام مبارك، عام ٢٠١١، مظلوميّة جديدة قرّرت استغلالها في إعادة إحياء اسم الجماعة، في أروقة صناعة القرار الدولية، وخصوصاً لدى الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس بايدن، لكن لا تقدّم الجماعة نفسها كحزب سياسي معارض هذه المرة، ولكنها تتسترّ وراء أسماء أعضاء ديمقراطيين بالكونجرس الأمريكي، لتقدّم نفسها للرأي العام كمجموعة عمل مدني تهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان ومكتسبات الثورة، التي لم يشاركوا فيها، وبعدما نجحت الثورة على يد الشباب الليبرالي قفزوا عليها ونسبوها لأنفسهم، وهم الآن يتحدّثون باسم مصر وشباب مصر وثورة مصر في كل العالم.
ومع الأسف، ساعدهم على ذلك الخطاب الإعلامي السائد في مصر طيلة السنوات القليلة الماضية، عن كون الثورة على مبارك هي مؤامرة خارجية أمريكية ضد مصر، في إنكار مخزي للدور العظيم الذي قام به الشعب المصري والشباب المخلصين في إنجاح هذه الثورة.
وإمعاناً في التضليل، أطلّ علينا الناشط الإخواني الأمريكي محمد سلطان، في ذكرى الاحتفال بثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، الأسبوع الماضي، بتغريدة على موقع تويتر يقول فيها إنّ المنظمة الحقوقية التي أسسها مؤخراً “مبادرة الحرية” قد تعاونت هي وعدد من المنظمات الحقوقية الأخرى مع اثنين من أعضاء الكونجرس المنتمين للحزب الديمقراطي، هما دون باير وتوم مالينوفسكي، على تشكيل “مجموعة العمل على حقوق الإنسان في مصر” داخل الكونجرس الأمريكي. ومن بين المنظمات الحقوقية الأخرى المشاركة معهم: هيومان رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية، ومؤسسة بوميد “مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط”، وجميعها تتلقّى التمويل، بشكل معلن أو غير معلن، من قطر، ويعمل ببعضها موظفون ينتمون لجماعة الإخوان، بشكل صريح، أو منحازون تماماً للجماعة.
وهذا ما يجعلنا نشك تماماً في صدق هذه المجموعة الجديدة داخل الكونجرس من حيث كونها تعمل حقّاً لأجل حقوق الإنسان في مصر أم لأجل تمكين جماعة الإخوان المسلمين، المصنّفة كتنظيم إرهابي في العديد من الدول، من التأثير على الكونجرس الأمريكي وإدارة بايدن بما يضرّ بمصالح الدولة المصرية.
والسؤال الأصعب هنا، هو كيف ولماذا يدعم أعضاء الكونجرس أجندة محمد سلطان وجماعته، فمنذ سنوات يستخدم محمد سلطان، عضو الكونجرس، توم مالينوفسكي، لخدمته وخدمة مصالح الإخوان على أكثر من مستوى، منذ أن كان مالينوفسكي يعمل بقسم العمل وحقوق الإنسان في الخارجية الأمريكية، فقد كان مالينوفسكي أحد أشهر من قاموا بالضغط على الدولة المصرية للإفراج عن محمد سلطان من محبسه عام ٢٠١٥، حيث كان متّهماً في قضايا تتعلّق بالتحريض على العنف وممارسة العنف مع آخرين من جماعة الإخوان المسلمين، منهم والده القيادي الإخواني الشهير صلاح سلطان، ثم بعد فوزه بمقعد في الكونجرس، قدّم مالينوفسكي الدعم لمحمد سلطان وجماعته عبر الترتيب لعقد جلسات استماع ضد الدولة المصرية، وتنظيم ندوات داخل الكونجرس للهجوم على مصر، وكل ذلك تحت ستار الدفاع عن حقوق الإنسان.
وهناك تقارير منشورة تدّعي أنّ مالينوفسكي تلقّى أموالاً من قطر، عبر قناة الجزيرة والمؤسسات التابعة لها للقيام بهذا الدور في دعم الجماعة، خصوصاً بعد أن أغلقت في وجوههم أبواب الكونجرس عام ٢٠١٦، بعد إدانة الرأي العام لبعض أعضاء الكونجرس للقائهم بعناصر من جماعة الإخوان المسلمين، رغم أنّها مصنّفة كتنظيم إرهابي لدى بعض الدول. لكن دعونا نفترض حسن النية في أنّ مالينوفسكي يقدّم هذا الدعم المستمر لمحمد سلطان وجماعته لأنّه فعلاً حريص على حقوق الإنسان في مصر، وليس لأنّه يتقاضى أموالاً من هنا أو هناك.
وحتى لو صح هذا الفرض، ألم يجد مالينوفسكي إلا محمد سلطان ليدعم حقوق الإنسان في مصر من خلاله؟ هل النائب مالينوفسكي لا يعلم أنّ محمد سلطان نفسه هو عضو بجماعة الإخوان المسلمين، أم أنّه يصدّق ما يدّعيه محمد عن نفسه من أنّه لا ينتمي للجماعة، وأنّه مواطن أمريكي ديمقراطي ليبرالي، لا علاقة له بالإخوان، على الرغم من أنّه ينتمي لعائلة إخوانية شهيرة. والسؤال الأهم هو كيف يدعم النائب مالينوفسكي جماعة الإخوان، التي تشكل خطراً مباشراً على الأمن القومي الأمريكي، وهو خطر مثبت بما في ورد في تحقيقات فيدرالية وقرارات محكمة عن ما تضمره الجماعة لتخريب الديمقراطية الأمريكية وإحلالها بنظام حكم إسلامي.
اقرأه أيضاً على ليفانت
Comments